إرساء مفهوم متابعة وقراءة الأخبار حسب الخيارات الشخصية و بجرعة ذكاء اصطناعي… وفق هذا الهدف تم إطلاق لايم لاينز “limelines” أوّل مبادرة في الشرق الأوسط تجمع آلاف الناشرين من المنطقة وتعرض محتواهم على منصّة مُبتَكرة.
تعتمد لايم لاينز، والتي أطلِقت من بيروت في نوفمبر من العام 2018، تقنيّات الذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة بهدف تخصيص تجربة كلّ قارئ وتمكينه من الاستمتاع بقراءة المواضيع التي يهمّه الاطلاع عليها، مع التركيز على سهولة الاستخدام .لايم لاينز منصّة تجمع، وتنسّق، وتعرض محتوى آلاف الناشرين من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بلغات ثلاث: الانكليزيّة والعربيّة والفرنسيّة وتعرضه بأسلوب مُتقَن يحاكي تطلّعات واهتمامات القرّاء الرقميين وجيل الألفيّة. وبإمكانكم الاستمتاع بلايم لاينز عبر التطبيق المتوفّر عبر آبل ستور وغوغل بلاي وحتى متجر هواوي.
انطلقت فكرة لايم لاينز من الحاجة التي تمت ملاحظتها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لنموذج مماثل، خاصّة في ظل الكم الهائل من المعلومات المُتناقَلة على شبكة الانترنت، ولوفرة المواقع العريقة فضلاً عن المدوّنين الذين ينقلون ويعكسون صورة مجتمعاتنا بخصوصيّاتها.
ضمن عمل بحثي معمّق استطاعت لايم لاينز تحديد أهم ناشري المنطقة والمدونين. تقول ريم دياب، المديرة التنفيذيّة في لايم لاينز:”اعتمدنا قائمة البيانات الضخمة هذه كقاعدة للبدء بشراكتنا مع الناشرين. حددنا فيها البلدان التي ينشر منها كل منهم، فضلاً عن الاهتمامات والمواضيع التي يعالجها ما ساعدنا في وقت لاحق لتحديد أولويّة التعاون معهم على لايم لاينز،”
يقوم فريق المحتوى الخاص بلايم لاينز بالاطلاع على محتوى كلّ ناشر ويعاين جودته ومدى تنوّعه، ويحدد مدى استعداده وجهوزيّته التقنية قبل قبوله على الموقع. “فهذان المقوّمان أساسيّان لتحديد ضمّ ناشر ما إلى منصّتنا، إذ نحرص على نشر محتوًى عالي الجودة ويغطّي ميادين عدة من ثقافة إلى إعلام واقتصاد وسياسة، إلى تصوير وتكنولوجيا وغيرها،” بحسب دياب.
ما هو مستقبل مواقع تجميع المحتوى؟
نشطت التطبيقات الإخباريّة التي تجمع المحتوى News Aggregators في السنوات القليلة الماضية في أوروبا وفي أمريكا كونها تقدّم لمستخدميها مجموعة من الأخبار تحت سقف واحد، ومنها نذكر غوغل نيوز Google News وآبل نيوز Apple News وغيرها من التطبيقات. وبدأت هذه النماذج تجد طريقًا لها في منطقتنا عبر عدد من التطبيقات.
إنّ هذا النموذج متداول منذ فترة في الغرب، ما يجعل منطقتنا متأخرة في الواقع عن تلقّفه واعتماده. وتضيف دياب: “لقد أثبت حوارنا مع ناشري المنطقة ذلك: فبمجرّد طرحنا فكرة لايم لاينز على مسامعهم، لقت رواجًا واهتمامًا لافتًا، وكان دائمًا جوابهم أنّهم لطالما انتظروا منصّة مشابهة لتنطلق من هذه المنطقة وتحاكي اهتمامات قرّائهم.”
لقيت الفكرة رواجًا أيضًا على مستوى القرّاء الذين يشعرون بأنهم يحصلون على المعلومات والأخبار التي يريدون دون سواها من مصادر موجودة في منطقتنا، ما يمنحهم متعة القراءة والاستثمار بوقتهم بأفضل طريقة.
طوّرت لايم لاينز الفكرة من خلال إدخال تقنيّات الذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة لتحسين تجربة القراءة ورفعها من مجرّد تعاطٍ مع أخبار معروضة بشكل أوتوماتيكي آلي، وإلى إرساء تجربة خاصّة بكل فرد. فإلى جانب جمع كمّ كبير من الأخبار والمصادر على نسق News Aggregators التي سبق و ذكرناها آنفًا، تمكّن لايم لاينز المستخدم من اختيار المواضيع التي يهمّه متابعتها منذ انطلاقة رحلته مع المنصّة، فتعرض له الأخبار التي تهمّه حصرًا.
إضافة إلى ذلك، تعتمد المنصّة مفهوم “تنسيق المحتوى وعرضه” Content Curation وهو مفهوم حديث جدًا في المنطقة، ويهدف إلى توفير وقت القارئ وتقديم مادة إعلاميّة سلسلة الاستيعاب، تغطّي المواضيع الرائجة والأحداث الهامة بسهولة مُطلَقة عبر عرض مجموعة من الأخبار والقصص حول موضوع ما بنسق مميّز اعلاميًا وتقنيًا.
ما هي أهم التحديات وكيف تم التغلب عليها؟
الهدف الأساسي للايم لاينز هو العمل إلى جانب الناشر ومنحه منصّة مُبتَكرة لإيصال محتواه. لذلك، عملت منذ اليوم الأوّل على تأطير هذا التعاون ووضعه في قالب يحمي حقوق النشر لكلّ من ناشريها. “فنحن انطلقنا من اتفاقيّة تعاون نرسلها لكلّ من ناشرينا نحدد فيها نطاق تعاوننا، وتقنيّاته وحقوق كلّ من الطرفين، فضلاً عن كيفيّة عرضنا محتوى الناشر، وعلى الأخير الموافقة على بنودها ليبدأ بذلك تعاوننا”، تشرح دياب.
وتتابع: “نحن نعتبر قناة لتحويل القرّاء من منصّتنا باتجاه موقع الناشر، إذ نكتفي بعرض عنوان المقال وصورته (أو الفيديو أو البودكاست، أو الانفوغرافيك) المستخدمة، وخلاصة لا تتخطى 150 حرفًا. وبمجرّد ضغط القارئ على الخبر لمتابعة قراءته، يتحوّل مباشرة إلى صفحة الناشر. تضمن هذه العمليّة حقوق النشر وتحترم المجهود الذي يبذله كل ناشر في كل خبر ينشره، كما وتمنحه عددًا اضافيًا من القراء عبر منصّتنا.”
تتركّز أهم التحديات في الحفاظ على منصّة عالية الجودة تحترم قرّاءها وناشريها على حد سواء وتوفّر لهم مساحة إعلاميّة مُبتكرة أكان للإطلاع على الأخبار أو لنشرها. تلعب التكنولوجيا التي تستخدمها لايم لاينز وتقنيات الذكاء الاصطناعي التي تعتمدها دورًا بالغ الأهميّة إذ تشكّل بلا أي شكّ القيمة المضافة التي تميّز التجربة التي تقدمها..
وتشرح دياب: “تبذل أقسامنا التقنيّة والإدارية مجهودًا كبيرًا وتخصص أوقاتًا طويلة في البحث وتطبيق أحدث ابتكارات هذه التكنولوجيا لنبقى دائمًا عند حسن تقدير مستخدمينا ولنضمن أنّ منصّتنا تعتمد أفضل الأنظمة. إضافة إلى ذلك، يعتبر المحتوى الركن الأساس في منصّتنا، وعليه، لا نوفّر جهدًا في التواصل مع الناشرين لنضمن إظهار محتواهم بأفضل شكل، فضلاً عن توسيع أبحاثنا لنضمّ ناشرين جدد لتقديم أفضل محتوى لقرّائنا.”
وعن أصعب التحديات، يبقى التمويل دائمًا تحديًا تتحدّث عنه كل الشركات الناشئة اذ يضمن استمراريّتها، “إلا أننّا في لايم لاينز ننطلق من فكرة أنّ المنتج الممتاز هو الذي يجتذب المستثمرين إليه، وهي العبرة التي نعتمدها،” بحسب دياب.
وفيما يخص تحديات (الأخبار المضللة)، تعمل لايم لاينز على مضاعفة قائمة الناشرين الموجودين على منصتها وتبحث باستمرار عن ناشرين ومدوّنين يقدّمون مادة اعلاميةّ عالية الجودة لتتشارك وإياهم ولتساهم بنشر هذا المحتوى. وهذا الأمر هو القطبة المخفيّة التي تعتمدها المنصّة في اتجاه السعي للحد من الأخبار المضللة.
“فنحن نبني شراكات مع ناشرين نطّلع على مضمونهم ونراقب جودته بشكل مستمر، بما يضمن الحد بـأكبر قدر من ظاهرة الأخبار المضللة.” وتضيف دياب: “يقوم فريقنا بالاطلاع والموافقة على مضمون محتوى الناشر عبر منصّة داخلية أنشئت خصيصًا لهذا الأمر: بمجرّد إرسال الناشر رابط التغذية الخاص بموقعه RSS Feed، يعاينه فريق التحرير في لايم لاينز للتأكد من مضمونه، قبل الموافقة على هذا المضمون وعرضه على قرّائنا. ويقوم هذا الفريق بمتابعة ومراقبة المحتوى الذي يُنشر عبر المنصّة لإيقاف وإزالة أي خبر أو ناشر قد لا يصبّ في مصلحة قرّائنا.”
ما الذي تقدمه لايم لاينز للناشر و القارئ ؟
تقدّم لايم لاينز منصّة تعتمد أحدث التقنيّات لتوفير تجربة قراءة ممتعة تنطلق من تخصيص وفرديّة التجربة. التالي، تضمن له العودة دائمًا واعتبار لايم لاينز مرجعًا لمعرفة ومتابعة الأخبار واكتشاف ما هو جديد في القطاعات التي يحبّها.
وفيما يخص الناشرين، توفّر لايم لاينز منصّة جديدة للتواصل مع جمهور مُجزّأ Segmented على أساس اهتماماته، وبالتالي يضمن الناشر وصول كل مقال من مقالاته إلى قارئ مستهدف يهتم فعلاً بالمادة المنشورة. كما تساعد لايم لاينز الناشر على اكتساب قرّاء جدد إذ تمكّن أخباره من البروز أمام جماهير واسعة من المنطقة ومن العالم، فقد تلحظ على سبيل المثال جريدة عكاظ السعودية جمهورًا كانت تجهله في لبنان، كما قد تكتشف الأهرام المصريّة متابعين من الإمارات والكويت.
للتواصل مع الجمهور قناة جديدة
في حين يبقى استخدام لايم لاينز مجانيًا لكل من القراء والناشرين، تعتمد المنصّة على مجموعة من الخدمات والحلول التي توفّرها للعلامات التجاريّة كمصدر من مصادر الدخل لمنصّتها. فتقدّم لايم لاينز مساحة جديدة للعلامات التجارية لسرد قصصها وللتواصل مع هذا الجمهور الخاص الذي بإمكانها كذلك استهدافه بحسب اهتماماته. “وقد أثبتنا فعاليّة هذه الخاصّية مع عدد من الماركات عملنا معها، وقد تمكّنت من ايصال موادها الاعلاميّة الى الجماهير المهتمة بها بشكل مباشر ما يرفع فعاليّة لايم لاينز كقناة اعلاميّة معتمدة.”
تتنوّع القنوات التي يمكن للماركات اعتمادها للإعلان على تطبيق لايم لاينز دون الموقع، وهي أساليب مبتكرة لا تزعج القارئ أثناء تصفّح الأخبار، وتتوجّه إلى كلّ مستخدم بدقّة وبحسب اهتماماته. تحاكي هذه الاعلانات تلك التي في المجلات، إذ تظهر على شكل صورة على أكمل شاشة الهاتف، أو فيديو أو قصّة مصوّرة. اضافة إلى ذلك، تقدّم لايم لاينز حلولاً خاصّة بإنشاء محتوى للعلامات التجاريّة، فضلاً عن حلول خاصّة بكل علامة أو ناشر. “السماء حدودنا وبامكاننا ابتكار حلول محضّرة خصّيصًا لكل علامة.”
“سوف نستمر بالأبحاث في مجال تعلّم الآلة”
من المعروف أنّ تعلّم الآلة يتطلّب كمًّا كبيرًا من دراسة البيانات، وهو الأمر الذي تراهن عليه لايم لاينز لتطوير منتجها وتحسين خصائصه. وتقول دياب إنّه كلّما زاد عدد المستخدمين كلّ ما أصبحت منظومتنا “أذكى”. “نسعى عبر قنواتنا كافة لنشر هذه الثقافة ورفع الوعي حول كيفيّة استخدام لايم لاينز، وكيف يصبح المحتوى الذي توفّره المنصّة لكلّ مستخدم أكثر دقّة وتطابقًا مع تطلّعاته.” وفي الواقع، إنّ الأمر سهل الاكتشاف. بمجرّد استخدام التطبيق أو الموقع الإلكتروني لعدد من المرات، سيشعر المستخدم أنّ صفحة “إليك” أو For You وهي الصفحة التي تجمع محتوى كل الاهتمامات التي يتابعها، تشبهه أكثر. على سبيل المثال، اذا كنت تتابع “تكنولوجيا”، “مال”، “موضة”، “صحة” و “لايف ستايل”، وتقرأ القصص التي تُصنَّف تحت “مال” أكثر، سيحدد نظامنا سلوكك وهواك، ويقدّم لك محتوىً من “مال” أكثر في المرة اللاحقة.
عين على المستقبل
قد يبدو المستقبل مخيفًا للبعض كون أحداثه مجهولة، إلا أنّه يعني التطوّر والابتكار لفريق لايم لاينز. فانطلاقًا من استراتيجيّات ورؤية واضحة لكلّ من أقسام الشركة، يمضي الفريق في تطبيق خطط يجهد لتوصله إلى الهدف المرسوم وهو تقديم منصّة مُبتكرة تحاكي آمال قرّاء منطقتنا. “فبالإضافة الى الاستمرار بالأبحاث في مجال تعلّم الآلة وتقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين خدماتنا، نسعى إلى تحسين أنماط تنسيق المحتوى الذي نقدّمه بهدف توفير المعلومات التي يبحث عنها القارئ بسرعة وسهولة ودقّة، بأسلوب مُبتكر إن لجهة المحتوى و التكنولوجيا أو التصميم والعرض عبر الموقع الإلكتروني والتطبيق.”
الكاتب: سفر عياد، مهتم في مجال التقنية و الاقتصاد.
The post كيف أدخلت “لايم لاينز” الذكاء الاصطناعي إلى قطاع النشر الرقمي في المنطقة؟ is republished from عالم التقنية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق